سعر الصرف العائم أو كما يطلق عليه تعويم العملة هو التخلي عن سعر صرف عملة ما من خلال معادلتها مع عملات أخرى ليصير محررا تماما، دون تدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده مباشرة.
بحيث أنه ينشأ تلقائيا بناءا على آلية العرض والطلب في سوق العملات النقدية والذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية.
وتظل أسعار صرف العملة العائمة تتغير باستمرار وفق تغيرات العرض والطلب على العملات الأجنبية بالشكل الذي قد يجعلها تتغير عدة مرات على مدار اليوم الواحد.
ويعني التعويم بمعناه البسيط، عدم تحديد سعر عملة دولة معينة وتركه يتحرك ويتغير أمام العملات الرئيسية وفقا لنسبة العرض والطلب. بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة إلى ارتفاع سعرها والعكس صحيح.
ومن هنا فإن البنوك المركزية لا تستهدف سعر معين لعملاتها المحلية عند اتباعها لنهج التعويم المطلق، بل إن سعر العملة هنا يكون شبيها بسعر الذهب والمعادن الأخرى الذي يخضع إلى التغيير اليومي في الأسواق العالمية، حتى أنه قد يتغير من ساعة لأخرى.
صارت كلمة التعويم شاملة لرجل الشارع العادي دون التقيد بالمصارف المركزية والعاملين بإدارة السياسة النقدية وخبراء المال والاقتصاد والبنوك، وتحديدا في المناطق التي تعاني من بلبلة اقتصادية كما هو الحال في الجزائر ومصر، أو بلبلة سياسية وأمنية مثلما يحدث في اليمن وسوريا وليبيا.
فقد أشيع عن البنوك المركزية في مثل هذه الدول أنها تشرع في تطبيق نهج تعويم العملة بعد عجزها عن إيقاف التدهور المستمر بعملاتها أمام الدولار الأمريكي.
هناك شكلين من أشكال تعويم العملة:
أدت التطورات الاقتصادية والسياسية في أوائل فترة الستينيات من القرن الماضي إلى بيان ما آل إليه نظام النقد الدولي المبني على اتفاقية بريتون وودز التي تعتمد نظام ثبات أسعار الصرف التي تستند على الدولار الأمريكي الذي يتسم بقابليته للتحويل إلى ذهب دون حدوث تغيير للسعر.
إذ أنه لم يعد يتمكن من ضبط التغيرات الكبيرة المستمرة في أسعار صرف العملات في الدول المشاركة في الاتفاقية.
لذلك، وبعد انهيار هذه الاتفاقية، بدأ التفكير في تعويم العملة حيث أدت اتفاقية سيمشونيان التي أبرمت عام 1971 إلى تعزيز ذلك الأمر.
فزاد سعر أوقية الذهب حتى وصل إلى 38 دولار.
بالإضافة إلى ما نصت عليه الاتفاقية أيضا من إتاحة الفرصة لتغيير أسعار العملات، على ألا يتعدى ذلك 2.25% من قيمتها.
غير أن هذه الاتفاقية لم يقدر لها الاستمرار لفترة طويلة وتعرضت لانتكاسة شديدة، مما أدى إلى اتجاه المسؤولين الاقتصاديين إلى تعويم العملة.
شهدت سياسة التعويم عدة تطورات إلى أن صارت تمثل أهم الأدوات التي تلجأ إليها السلطات النقدية لكي تتمكن من تحقيق أهدافها الاقتصادية.
ويتم تطبيق سياسة تعويم العملة من خلال تنفيذ بعض الإجراءات التدخلية، ومن أهمها:
– تأثيره على كل من حركتي العرض والطلب، الأمر الذي يتم من خلال بيع أو شراء العملة المحلية.
– تأثيره على سعر الفائدة، بحيث يتم ذلك الأمر من خلال رفع أو خفض سعر الخصم.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية هي أبرز الدول التي اتبعت نهج التعويم على مستوى العالم لكي تتمكن من الحفاظ على مستواها التنافسي ودعم توجهاتها الاقتصادية والسياسية.
وقد صدقت اتفاقية صندوق النقد الدولي في شهر مايو من عام 1976 على أن تعويم العملات يمثل مبادرة نحو إصلاح نظام النقد الدولي، وذلك في محاولة منها لمسايرة مثل هذه التطورات الجديدة على المستوى الاقتصادي والسياسي.
قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه المصري حيث سيحدد سعر العملة وفقا لآليات العرض والطلب، وهو ما يعرف أيضا بتعويم الجنيه.
وقال مسؤول كبير بالبنك المركزي لوكالة رويترز اليوم الخميس إن البنك أطلق الحرية للبنوك العاملة في مصر في تسعير النقد الأجنبي من خلال آلية سوق ما بين البنوك (إنتربنك).
وعقب هذا التصريح، قال مصرفيون إن البنك المركزي المصري سيحرك سعر الصرف إلى 13 جنيها مقابل الدولار الأميركي كسعر استرشادي، ويبلغ السعر الرسمي حاليا 8.88 جنيهات.
وكان سعر الدولار في السوق السوداء قد تجاوز في الأيام الأخيرة 18 جنيها لأول مرة في تاريخ مصر.
ماذا يعني التعويم الجنيه؟
وقبل قرار التعويم، كان البنك المركزي يعمل على إدارة سعر الصرف باستخدام أدوات من بينها عطاءات دورية لبيع الدولار للبنوك يتم من خلالها ضبط سعر الصرف.
لكن التعويم يعني أنه تخلى عن هذه السياسة وأنه سيترك تحديد سعر العملة لقوى العرض والطلب في السوق، ومن المتوقع أن تظهر الأيام المقبلة إلى أي مدى سيتخلى البنك المركزي عن إدارة سعر الصرف.
وتحرير سعر الصرف هو أحد المطالب الرئيسية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي حتى يوافق بشكل نهائي على إقراض مصر 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات.
التعويم والاستيراد
وقد أدى التعويم إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع نظرا لاعتماد البلاد على استيراد أغلب احتياجاتها من الخارج.
وقال البنك المركزي المصري اليوم الخميس إنه ألغى قائمة أولويات الاستيراد، ما يعني أنه لن يعمل على تسهيل توفير النقد الأجنبي للشركات المصرية التي تستورد سلعا أساسية ذات أولوية كما جرت العادة.
وبموازاة تحرير العملة، قرر البنك المركزي أيضا رفع سعري فائدة الإيداع والإقراض لأجل ليلة واحدة بمقدار ثلاث نقاط مئوية ليصل الأول إلى 14.75%، والثاني إلى 15.75%.
ويشير ذلك إلى أن البنك يسعى لاحتواء التضخم الذي من المتوقع أن ينتج عن تعويم الجنيه.
وفيما يتعلق بتعاملات البنوك، قال البنك المركزي إنه لا قيود على إيداع وسحب العملات الأجنبية للأفراد والشركات.